ثورة ضد الذكاء الإصطناعي.. ينسخ صوت وأشكال الفنانين.
رغم فوائد الذكاء الاصطناعي، فإنه يحمل أيضًا بعض المساوئ والتحديات. حيث يمكن أن يتسبب الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي في فقدان الخصوصية، حيث تتم جمع كميات هائلة من البيانات الشخصية والحساسة التي يمكن استخدامها بطرق غير مرغوب فيها.
توجد أيضًا مخاوف من أن يؤدي التطور السريع للذكاء الاصطناعي إلى تفوقه على البشر وتهديد وجودهم، مما يشكل تحديًا أخلاقيًا وفلسفيًا يتطلب التفكير فيه بعناية. لذا، يجب مواجهة هذه التحديات بشكل مستدام ومتوازن لضمان استخدام الذكاء الاصطناعي بطريقة تعود بالفائدة على البشرية بشكل عام.
ثورة الفنانين ضد الذكاء الإصطناعي
وقع أكثر من 200 فنان وشركة، خطاباً مفتوحاً، يدعو إلى توفير الحماية ضد ما وصفوه بـ”الاستخدام العدائي” للذكاء الاصطناعي، لإنشاء نسخ رقمية من أشكال الفنانين وأصواتهم.
بحسب الخطاب، تضمنت قائمة الموقعين مغنيين من أجيال وألوان موسيقية مختلفة، بداية من نجوم الصف الأول مثل بيلي إيليش، وجيه بالفين، ونيكي ميناج، وصولاً إلى الشركات مالكة الحقوق التجارية للنجوم الراحلين مثل فرانك سيناترا، وبوب مارلي.
تطالب الرسالة، الصادرة عن اتحاد الدفاع عن حقوق الفنانين Artist Rights Alliance، بإلزام الشركات التقنية بعدم تطوير أدوات الذكاء الاصطناعي التي بإمكانها استبدال مؤلفي الأغاني والفنانين البشر.
الرسالة لم تدعُ إلى حظر استخدام الذكاء الاصطناعي في الإنتاج الموسيقي، مشيرة إلى أن الاستخدام المسؤول للتكنولوجيا، يمكن أن يفيد الصناعة ككل.
يُذكر أن العديد من منتجي الموسيقى اعتمدوا على أدوات الذكاء الاصطناعي بعدة طرق في السنوات الأخيرة، مثل استخدامها لعزل غناء الفنان الراحل جون لينون من أغنية قديمة، لإنشاء أغنية البيتلز “الجديدة” التي تم إصدارها العام الماضي.
الذكاء الاصطناعي يُعيد فرقة البيتلز بأغنية جديدة
طرحت فرقة البيتلز أغنية جديدة بعنوان Now and Then، كان قد سجّلها جون لينون (1940 – 1980)، وجرى الاستعانة بتقنية الذكاء الاصطناعي، لتجميع أعضاء الفرقة.
حل الذكاء الاصطناعي خلال الفترة الماضية في قلب الأزمة التي يشهدها سوق الإنتاج الترفيهي، حيث كان محور رئيسي في المفاوضات الدائرة بين نقابات صناعة الترفيه في عام 2023 والإضراب الضخم من ممثلي وكتاب هوليوود لقرابة 120 يوماً، خوفاً من اتجاه شركات الإنتاج لاستخدام الذكاء الاصطناعي، واستبدالهم على المدى الطويل.
كما لفت انتشار الصور الإباحية التي تم صنعها بالذكاء الاصطناعي لنجمة البوب تايلور سويفت مزيد من الاهتمام بالاستخدام الضار للتزييف العميق، ودفع ذلك المشرعين نحو تقديم مشروع قانون يهدف إلى تجريم الصور الجنسية غير التوافقية التي ينتجها الذكاء الإصطناعي.
تقدمت مجموعة من أعضاء الكونجرس الأميركي بمشروع قانون جديد يُجرّم إنشاء صور مزيفة لأي شخص دون موافقته، ويسمح للمتضررين بمقاضاة من يقوم بذلك.
وفي شهر مارس الماضي، أقرت ولاية تينيسي الأميركية تشريعاً يهدف بشكل مباشر إلى حماية الموسيقيين من توليد أشكال صوتية، بواسطة الذكاء الاصطناعي لأغراض تجارية، دون موافقتهم.
وسيدخل القانون الجديد ELVIS Act حيز التنفيذ في الأول من يوليو، ليجعل من غير القانوني إنشاء نسخة رقمية من أصوات الفنانين دون موافقتهم، إلا أن القانون لم يتناول استخدام أعمال الفنانين كبيانات لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي.
الذكاء الاصطناعي.. بيضة ذهبية
في الوقت نفسه، العديد من الفنانين وشركات الإنتاج الموسيقي يسعون إلى استخدام الذكاء الاصطناعي لتحقيق مكاسب مالية ضخمة، فعلى سبيل المثال أبدت المغنية جرايمز، صديقة إيلون ماسك السابقة، قبولها باستخدام صوتها في أغنيات يجري إنشاؤها عبر برامج الذكاء الاصطناعي، شرط أن تحصل على نصف العائدات التي تحققها هذه الأعمال الجديدة.
وأشارت الموسيقية إلى أنّ تقاسم العائدات سيكون معادلاً “لأي تعاون مع فنان”، وتابعت شريكة حياة إيلون ماسك السابقة: “لا تترددوا في استخدام صوتي من دون مواجهة أي عقوبة.. ليست لدي أي التزامات قانونية تجاه طرف ثالث أو شركة تسجيل أو جهة موزّعة”.
وعلى الرغم من فتحها النار على جميع المنصات الموسيقية الرقمية بعد انتشار أغنية لمغني الراب درايك ومطالبتها لهم بضرورة حذفه، فإن شركة يونيفرسال ميوزك جروب حصدت أرباحاً طائلة من تعاونها مع شركة جوجل لتزويدها بمكتبة ضخمة من الأغاني والمقاطع الموسيقية، لاستخدامها في تدريب النماذج الذكية، والتي من الممكن استخدامها لتقديم مزايا موسيقية فريدة مثل إنشاء مقاطع موسيقية جديدة كلياً عبر الأوامر النصية، مثل ميزة Dream Track التجريبية التي أطلقت في نوفمبر الماضي.
الميزة تسمح لعدد من صناع المحتوى بإنشاء مقاطع موسيقية جديدة، تصل مدتها إلى 30 ثانية، تتضمن أصوات بعض أشهر المغنيين مثل ديمي ليفاتو.
استخدام الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات لن يتوقف، ولكن تنظيم هذا الاستخدام، وتقنينه هو الخطوة الأهم، كي يُوجه إلى تحقيق المنفعة للجميع، وعدم هدر حقوق صناع المحتوى البشريين، مما سيؤثر على المدى الطويل بالسلب على جودة المحتوى، إذا ما حلت الأنظمة الذكية محل الإبداع البشري.